سورة الفتح - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفتح)


        


{وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (20)}
قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها} قال ابن عباس ومجاهد. إنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة.
وقال ابن زيد: هي مغانم خيبر. {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ} أي خيبر، قاله مجاهد.
وقال ابن عباس: عجل لكم صلح الحديبية. {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} يعني أهل مكة، كفهم عنكم بالصلح.
وقال قتادة: كف أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحديبية وخيبر. وهو اختيار الطبري، لان كف أيدي المشركين بالحديبية مذكور في قوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [الفتح: 24].
وقال ابن عباس: في {كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} يعني عيينة بن حصن الفزاري وعوف بن مالك النضري ومن كان معهما، إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محاصر لهم، فألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب وكفهم عن المسلمين {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أي ولتكون هزيمتهم وسلامتكم آية للمؤمنين، فيعلموا أن الله يحرسهم في مشهدهم ومغيبهم.
وقيل: أي ولتكون كف أيديهم عنكم آية للمؤمنين.
وقيل: أي ولتكون هذه التي عجلها لكم آية للمؤمنين على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها. والواو في {وَلِتَكُونَ} مقحمة عند الكوفيين.
وقال البصريون: عاطفة على مضمر، أي وكف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية للمؤمنين. {وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً} أي يزيدكم هدى، أو يثبتكم على الهداية.


{وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (21)}
قوله تعالى: {وَأُخْرى} {أخرى} معطوفة على {هذِهِ}، أي فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى. {لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها} قال ابن عباس: هي الفتوح التي فتحت على المسلمين، كأرض فارس والروم، وجميع ما فتحه المسلمون. وهو قول الحسن ومقاتل وابن أبي ليلى. وعن ابن عباس أيضا والضحاك وابن زيد وابن إسحاق: هي خيبر، وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها، ولم يكونوا يرجونها حتى أخبرهم الله بها. وعن الحسن أيضا وقتادة: هو فتح مكة.
وقال عكرمة: حنين، لأنه قال: {لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها}. وهذا يدل على تقدم محاولة لها وفوات درك المطلوب في الحال كما كان في مكة، قاله القشيري.
وقال مجاهد: هي ما يكون إلى يوم القيامة. ومعنى {قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها} أي أعدها لكم، فهي كالشيء الذي قد أحيط به من جوانبه، فهو محصور لا يفوت، فأنتم وإن لم تقدروا عليها في الحال فهي محبوسة عليكم لا تفوتكم.
وقيل: {أَحاطَ اللَّهُ بِها} علم أنها ستكون لكم، كما قال: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق: 12].
وقيل: حفظها الله عليكم. ليكون فتحها لكم. {وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً}.


{وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (23)}
قوله تعالى: {وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ} قال قتادة: يعني كفار قريش في الحديبية.
وقيل: {وَلَوْ قاتَلَكُمُ} غطفان وأسد والذين أرادوا نصرة أهل خيبر، لكانت الدائرة عليهم. {ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} يعني طريقة الله وعادته السالفة نصر أوليائه على أعدائه. وانتصب {سُنَّةَ}
على المصدر.
وقيل: {سُنَّةَ اللَّهِ} أي كسنة الله. والسنة الطريقة والسيرة. قال:
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها *** فأول راض سنة من يسيرها
والسنة أيضا: ضرب من تمر المدينة. {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8